Dr.MaEn رئيس المنتدى
عدد المساهمات : 101 النقاط : 22159 تاريخ التسجيل : 07/12/2012 العمر : 26
| موضوع: الإفتقار إلى الله الجمعة ديسمبر 07, 2012 8:13 pm | |
| بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله والصلاة على محمد الأمين وعلى آله الميامين والتسليم لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) إن البشرية منذ أن وجدت وضعت بين خيارين وبين عقيدتين عقيدة الإفتقار الى الخالق سبحانه وعقيدة الإستغناء عنه وعن مدده وعن توجيهاته وهدايته وبركاته ، وكانت هاتين العقيدتين تتصارعان ، فقد بدأ الصراع بين هابيل وقابيل ، هابيل يؤسس عقيدة الإفتقار الى الله وطلب هبات الله وقابيل يؤسس عقيدة القبول بالأمر الواقع والإكتفاء بقدرات الذات والإستغناء عن هبات الله ، وتطور الصراع وجاء الأنبياء ليذكروا الناس ويقولوا لهم يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني ، ثم جاءت الكتب السماوية لتتكلم بلسان الله مباشرة لتقول الى الناس يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني المعطي وهو منبع العطاء كله ، وتطور الصراع وأخذ أشكالاً مختلفة ووصل الى يومنا الحاضر ، وكادت الأرض أن تملئ بالظلم والجور إن لم نقل إنها ملئت ظلماً بما ظلم الناس أنفسهم وإستغنوا عن رحمة الله وملئت جوراً بما جار الجائرون من قادة الفكر المستغني عن الله ، وصار جورهم مسيطراً على العالم ، لكن النداء يبقى ويصرخ بالناس يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله .. ومهما طغت عقيدة الإستغناء في العالم بعدما أسست لها قواعداً كبيرة وخدعت الشعوب وإستمالتهم بما فتح الله عليهم من أبواب كل شئ فتنة لهم حتى إزينت الأرض بأعينهم وظنوا أنهم قادرون عليها ، ومهما تسللت هذه العقيدة الى المتدينين فجعلتهم يفتقرون الى التكنولوجيا ويفتقرون الى العلم ويفتقرون الى المساعدات الدولية ويفتقرون الى الشركات الكبرى ويفتقرون الى أموال النفط ويفتقرون الى الطاقة النووية ، وينسون أن هذه كلها لا تغني ولا تشبع بل هي كماء البحر المالح ، كلما أخذت منها كلما إزددت عطشاً .. ومهما بدا لنا أن الأمور قد تكون بخير دون اللجوء الى الله ودون إعلان الإفتقار فإننا نستطيع أن نيقن أن كل ذلك سيذهب الى سراب ، وكل ذلك لن يقود إلا الى الهاوية الكبيرة التي تريد قوى الشر والجحود والإستغناء أن تقودنا إليها ، ولا نجاة لنا إلا بأن نعلن إفتقارنا الى الله إعلاناً عقائدياً وقلبياً ومنهجياً وعملياً بما يؤسس بين الناس من جديد أن لا غنى بالقوة ولا غنى بالمال ولا غنى بكل الوسائل المادية ، فالغنى لا يأتي إلا من الله وإلا بالله ، ولا يكون غنى حقيقي إلا ذلك الذي يقود الإنسان الى الله ويجعل الإنسان يتكلم عن نعم الله شاكراً له سبحانه .. إن الصراع بين عقيدة الإستغناء التي يتزعمها أباطرة المال والسلطة والعلمانية في العالم وبين عقيدة الإفتقار التي يتزعمها الأنبياء والأولياء وعباد الله الصالحين سوف تستمر وسوف يخسر أولئك الذين راهنوا على القوة المادية وإستغنوا بها عن البركات الإلهية ، وسوف يخسر أولئك الذين راهنوا على عقولهم وإغتروا بقدراتهم الذاتية وتصوروا أنها تغنيهم عن طلب المدد الإلهي وإعلان الإفتقار الى الله والى أولياءه .. ونريد أن نثبت هنا حقيقة أساسية وهي أن العالم يعاني من مرض عقلي ونفسي كبير ، وهو مرض الإستغناء عن المدد الإلهي وعدم إعلان الإفتقار في وجدان البشرية الى الله سبحانه ، بل نقول أن إمتلاء الأرض ظلماً وجورا قائم أساساً على جهة جائرة تقنع العالم بعدم الفقر والإفتقار الى الله وجهة ظالمة تقتنع بأنها لا تفتقر الى الله سبحانه بل تفتقر الى الوسائل المادية الموجودة في يد الآخرين . الإستغناء مصيبة عالمية كبرى إن هذا الحديث ليس حديثاً داخل أسيجة طائفة من الطوائف ولا داخل أمة من الأمم .. بل هو حديث عالمي موجه الى المسلمين والمسيحيين والصابئة وغيرهم من أصحاب الملل الموحدة في العالم .. الحديث هنا يتجاوز مستوى الخلافات الفكرية والعقائدية ، ويصف طبيعة المصيبة العالمية وهي مصيبة كبرى الناس عنها غافلون ، إنها مصيبة إنتشار عقيدة الإستغناء عن المدد الإلهي ، وهذه المصيبة موجودة اليوم في كل مكان على الأرض وتنمو وتكبر بشكلٍ فظيع وتأخذ مسارها الى نفوس الشباب ، سواء كانوا الشباب المسلمين أو الشباب المسيحيين أو غيرهم من شباب العالم الذي إزينت الأرض بعينه والذي خدع أو يخدع نفسه بأنه قادر على الأرض ، وبأنه لا يحتاج سوى الى قليل من الشطارة كي يغتني بكل أنواع الغنى ، وإن الطبول العالمية تدق في كل يوم حرباً على الإفتقار لله فيما يزداد الفقر الروحي ويزداد الفقر الفكري ويتحول الناس يوماً بعد يوم الى مصفقين لأنفسهم وإنجازاتهم المادية التي لا تغني ولا تشبع ، بل يتحول الناس الى مفتقرين لأمريكا أو أوربا أو للأموال ظانين بالله ظن السوء ، وهم بذلك يؤسسون لإنهيار الكرة الأرضية بما يفعلون وهم لا يشعرون .. /////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////// الإفتقار عبادة ومنطق حياة لابد من أن نلتزمها كي ننجو من البؤس الإجتماعي والديني الذي نحن فيه *** *** *** الإستغناء عن أولياء الله سبحانه هو الجريمة الأولى في التأريخ ، وهو الإثم العالمي السائد في زماننا
والحمد لله رب العالمين | |
|